ج2
  
   
   
    بعد قراءة هذه القصة قد تضحك ، و قد تشمئز ، و قد تتعاطف و قد تستنكر .. و لكن الأمر الحقيقى الذى لا مراء فيه
  أن هذه النماذج أصبحت الآن تمثل جانباً كبيراً من المجتمع
  و أرجو عدم الحكم على هذا العمل إلا بعد الانتهاء منه فقد تجد فى آخره ما يسرك ، 
و أترككم مع القصة التى تتكرر يومياً فى كل بيت مصرى الآن  ------------ --------- --------- --------
  المشهد الثاني
 ------------ --------- --------- --------
       
  الساعة تجاوزت الثانية عشر ظهراً
  الأب جالس فى حجرة المعيشة يقرأ الجريدة ، و الأم فى المطبخ تعد الشاى
  طارق يخرج من حجرته يرتدى بنطلون جينز ساقط من على وسطه بطريقة فجة حتى أن ملابسه الداخلية ظاهرة ، و يلبس قميص يلتصق بجسده بشدة ، و بينه و بين البنطلون فراغ يبين بطنه ، و يفتح ثلاثة أزرار مبيناً سلسة كبيرة تنتهى بقطعة فضيئة دائرية مرسوم عليها جمجمة ، شعره مرفوع من الجانبين إلى الوسط على هيئة هرم و يلمع لمعاناً شديداً بسبب الجل ، حذائه أصفر اللون بكعب عال ، و يمسك فى يده الموبايل و سماعته فى أذنه و يشغل عليه أغنية أجنبية لا يفهم معانى كلماتها ، و على عينيه نظارة عريضة جداً لونها بنى ، و فى يده ساعة شديدة الضخامة و فى يده الأخرى حظاظة نحاسية عريضة
  الوالد حين يراه : لسة خارج ... بقالك ساعتين بتزوق ؟
  طارق ( يغمغم ) : أف .... اصطبحنا بقى
  يدخل طارق المطبخ لأمه الطيبة و هى تعد الشاى
  طارق : إيه يا حاجة
  الأم : لسة صاحى ؟ أبوك عمال ينفخ برة
  طارق ( بضيق ) : ما هو اللى مصحينى بدرى
  الأم : بيصحيك عشان تروح الكلية
  طارق : هو يوم الأجازة بتاعه كدة .... لازم ينكد علينا
  الأم : وطى صوتك ... عيب كدة
  طارق : طيب انجزى بقى .... هاتى المصلحة اللى قلتلك عليها امبارح
  الأم ( بطيبة ) : مصلحة إيه
  طاق : إيه يا ماما إنت نسيت و لا إيه ؟ .... فين الاربعين جنيه بتوع الكتاب ؟
  الأم : يا واد بطل كدب .... كتاب إيه اللى حتشتريه باربعين جنيه
  طارق : جرى إيه يا ماما .... احنا لسة حنتكلم فى الموضوع ده تانى .... مش انت امبارح قلتى لى ماشى ؟
  الأم : لا أنا قلت حاقول لأبوك
  طارق : يا دى النيلة ... انت لسة حاتقولى له ؟
  الوالد (من الخارج ينادى على الأم ): إيه يا أم طارق انت بتعملى الشاى على الشمعة ولا إيه ؟
  الأم ( تصب الشاى ) : أيو خلاص أنا جاية
  طارق (يمسك بذراع أمه ): بقولك إيه يا ماما الكتاب ده مهم .... متضيعوش مستقبلى ... حاولى تقصيهم من بابا بسرعة عشان ألحق المحاضرة بتاعتى
  يخرجان إلى حجرة المعيشة حيث الأب ما زال مسكاً بالجريدة ، فتضع الأم كوب الشاى أمامه و تجلس ، و طارق يقف أمامهما
  ينظر إليه الأب بقرف شديد ، و يعود إلى الجريدة مرة ثانية ، فيطأطئ طارق فى ضيق و ينفخ فى نفاد صبر و يشير لأمه : أن كلميه
  الأم : بقولك إيه يا أبو طارق
  الوالد : خير
  الأم : طارق كان عاوز فلوس يشترى بيهم كتاب
  ينزل الأب الجريدة و ينظر إلى طارق من فوق لتحت
  الوالد : كتاب إيه ؟ انت مش اشتريت كل الكتب ؟
  طارق : كتاب التكاليف
  الوالد : طيب ما انت عندك كتاب التكاليف
  طارق : يا بابا ده بتاع السنة اللى فاتت ..... المنهج اتغير
  الوالد : و ده بكام ان شاء الله
  طارق : باربعين جنيه
  الوالد ( صارخاً ) : كام ... أربعين جنيه .... ليه
  طارق : يا بابا أنا مالى ... الكلية أسعارها غالية
  الوالد : و أجيبلك منين الأربعين جنيه دول ان شاء الله ؟ إحنا فى آخر الشهر
  طارق : أعمل إيه يا بابا....... أسقط يعنى ؟
  الوالد : لا ... العفو ... و انت وش كده؟
  طارق : أيوه .... سمعنى الكلام بتاعك ده كل مرة أقولك فيها على فلوس
  الوالد : يابنى أربعين جنيه فى الكتاب كتير .... صَوَّرُه ... إعمل زيى ... عمرى ما اشتريت كتاب فى الجامعة
  طارق : يابابا انت دبلوم تجارة أصلاً .
  الوالد : و لو ... عمرى ما اشتريت كتاب
  طارق : و بعدين الدكتور منزل معاه ملزمة لازم نملاها و نرجعها له تانى ، و مانع التصوير
  الوالد : الله يخرب بيتك على يخرب بيت الدكتور ... حجيبلك منين أربعين جنيه دلوقت
  طارق : أمال بتصحينى ليه ؟ ... ما كنت تسيبنى نايم .... حاروح الجامعة أعمل إيه دلوقت
  الأم ( تحاول أن تهدئ الموقف كالعادة ): خلاص يا أبو طارق أنا معايا ثلاثين جنيه بتوع عدسة النظارة بتاعتى ... أصلحها الشهر الجاى و خلاص .... إديله عليهم عشرة جنيه و خليه يشترى الكتاب
  الوالد : ده كلام ؟.... بقالك أربع شهور تأجلى فى النظارة ... و انت عارفة إن مفيش كتاب و لا حاجة
  طارق : و المصحف الشريف و عزة جلال الله فيه كتاب
  يخرج الوالد من جيبه عشرة جنيهات و يمد له يده بها ، يقترب طارق من أبيه فيشم الأب رائحة شعره فيشمئز منها
  الوالد : إيه ده ... إنت ريحتك وحشة كدة ليه ... إنت حاطط سمنة فى راسك و لا إيه؟
  طارق : سمنة إيه يا بابا... ده الجل بتاع الواد وائل... بس طلع حمضان
  الوالد : ( باشمئزاز ) إنسان مقرف .... أنا عارف بيدخلوك الجامعة إزاى ؟
  طارق : يابابا هو انت كل ما تشوفنى تطلع فيه القطط الفطسانة
  الأم : شباب يا أبو طارق ... بكره ربنا يهديهم
  الوالد : مش شايفة لا بس زى الرقاصة إزاى ؟
  طارق ( بضيق ): هاتى ياماما الفلوس خلينى أخلص
  الوالد : اسمع .... أما تيجى تورينى الكتاب أبو أربعين جنيه ده ... فاهم ؟
  طارق : يحيينا و يحيك ربنا
  ينظر له الأب شذراً ، فى حين تضحك الأم و تذهب إلى حجرتها لتحضر له باقى المبلغ و هو فى إثرها
  يخرج وائل و قد لبس شبيهاً بأخيه ، و يذهب إلى والده الذى أمسك بكوب الشاى و هم أن يشرب
  وائل : بابا .... عاوز أربعين جنيه أشترى بيهم كتاب
   
  مسكين وائل.... الشاى كان ساخناً جداً
   
 **********
  إلى اللقاء مع المشهد الثالث